مقدمة بسيطة
خطابات عاشق الخيال هى خطابات لشخص عاشق لحبيبة خيالية وهمية مكانها الوحيد فى خياله فقط ولكن من شدة تصديقه فيها يشعر بها كأنها موجودة فى الواقع بالفعل ثم يعود لرشده ويقنع نفسه بأنها خيال
فكرة بسيطة ويارب تعجبكم
محمد شعبان
...
الخطاب الأول
وها أنا أخط إليكِ بمشاعرى وأحاسيسى خطابى الأول , وأعلم بكل جوارحى أنه لن يصلك بأى شكل من الأشكال ولكن هذا لا يهم مادام يصل إلى أعماق أعماق قلبى حيث تتربعين بداخله فتقرأين كلماتى بكل بساطة .. ولكن كيف تقرأينها وأنتِ تحملين لغتك الخاصة ، وتلك المعانى والمفردات التى لا يستطيع أحد تفسيرها سوى شخص واحد أعرفه جيداً ، حبيبتى .. أى المخلوقات أنتِ؟ .. وأى ضياء ينبعث من وجه قمر أضاء ظلماتى؟ .. أى شهيق أعاد الحياة إلى صدرى بأنفاسك ذات العنبر وأثيرها الأبدى؟ .. أنتِ حقيقة خيالية لا تتحملها العقول , حبيبتى .. أنتِ الأمطار لتشققات أرضى المحتضرة بدونك , أنتِ سلاحى فى يدى أنا الجندى المناضل فى معركة شفتاكِ القاسية , أنتِ بستان بلا أرض زُرعَ فى حوارى قلبى النابض بكِ , أنتِ شمسى فأرجوكِ لا تغربين عن كوكب أحلامى القادمة معكِ ، أنتِ دمائى فمجراكِ عروقى , أنتِ عروقى تحتمى بغشاء جلدى , أنتِ تكوينى فبدونك هالك أنا لا محالة
...
الخطاب الثانى
غادرت مدينتى ليومين ولكنك لم تغادرى قط ذاكرتى وتفكيرى .. ظللتِ حبيسة قلبى تحرسك مشاعرى بسلاح من إحساسى , طعامكِ حبى ومياهكِ قطرات عشق من شريان يرتجف خوفاً و قلقاً عليكِ .. أين أنتِ الآن؟ دائماً تسألنى نفسى فأجيبها بأنك فوق حدود المكان والزمان وأن أرضنا المتواضعة لن تتحمل ضيائكِ الوهاج فيحترق كل شىء حباً وعشقاً فيكِ .. إنه هذا الموت المحبب فيكِ دائماً وهذه الحياة القاسية خارج حدودك يا بلدة حبى الفاضلة ، طالما أردت أن أكون شعبك وتحت ظلال مملكتك الخيالية تلك .. حبيبتى كنت على وشك الضياع دون كلماتك الهامسة فى أذنى
قتلتنى الأيام بشوقٍ أحد من سيوف رموشكِ .. ولكنى صارعت ساعاتى بأنفاسى من أجلك أنتِ يا ذات الدفء الذى يذيب قلبى كقطعة ثلج فى راحة يداكِ .. يامن أدارت كونى بنور شموسك فتعاقب نهارى برؤياكِ وليلى بغروبك .. ولكننى لا أتعجب حين تغربين ولا أراكِ .. عندها أتأكد من أننى أبصر الكون بعيونك .. فأجدنى أقف وحيداً .. بدونك
...
الخطاب الثالث
فى وسط عواصفى وأعاصيرى اليومية لا أستطيع ان اتوقف عن التفكير فيكِ .. فلا مهرب من التفكير فيكِ سوى إلى التفكير فيكِ , وفرشاتى قيدت يدى فلا ترسم سوى وجهك الملائكى على ورقة ذهبية لامعة مثل عينى حين ألقاكِ .. كل هذه السنوات منذ ميلادى وانا أفكر فى وجهك .. فقط وجهك .. فباقى مفاتنك تحتاج إلى أزمنة فوق أزمنتنا البشرية مجتمعة ، كم غرقت فى عينيكِ بحراً , وفى شفتاكِ شوقاً , وفى خصلات شعرك ليلاً ساحراً يجمعنى بأميرتى , فلم أعد أنطق شعراً ولا أغانٍ إلا فيكِ .. فلقد أصبحتِ أنتِ لغتى ومن حروف إسمكِ تشكلت جميع كلماتى وقد إتخذتِ من عروقى أوتاراً تعزفين عليها ألحانى وتغزلى فيكِ , البعض يؤمن بالنظرات المشتركة للقمر بين المحبين , ولكنى أؤمن بأنى أنظر إليكِ مباشرةً فأنتِ القمر ذاته ، والبعض يتحاكى بأساطير ليلى ومجنونها وعبلة وبن شداد العبسى ولكن تأكدى أنكِ الأسطورة الجامعة لتلك الأساطير السطحية , فأنتِ محفورة داخل خيالى العميق قبل ميلاد هذا العالم من حولهم جميعاً .. والتبرير بسيط .. أنتِ العالم
...
الخطاب الرابع
طرقت أبواب قلبك برقة فوجدت وقد إجتمعت الأزمنة بداخل هذا القلب الخيالى الرقيق .. ماضى يرفرف سعادةً لشغله جزء من ذاكرتك , وحاضر يصارع الوقت خوفاً من أن ينقضى , ومستقبل يحترق إشتياقاً كى يأتى وتعيشيه .. فنقشت كلماتى المتواضعة على جدران قلبك الذى دوره وكوره الخالق سبحانه وتعالى من نور ليضىء باقى معالم جسدك .. كم لبثت فى محرابى الخاص أتعبد وأدعوا الله شاكراً على تلك الروح التى وضعها فيكِ يا فتاتى الخيالية المجسدة فى عقلى .. بكِ تعلمت معنى الجمال وكيف يكون ويتصور , إنه تلك اللوحة التى لا يجرؤ بشرى على أن يضيف أو يعدل فيها من شدة إكتمالها , ولكم إحترقت حقداً من ردائك الفضفاض الذى يلامس جسدك , ولكم أردت أن أقتل الهواء المداعب لخصلات شعرك لتتنفسى هوائى فأتغلغلك وأجتاح صدرك تتنفسينى وأتنفسك ونزداد ضياءً بأرواحنا المختلطة , للحظة أدركت أنكِ قريبة , فبرغم تربعك فى خيالى وسريانك فى شريانى وإبتسامتكِ تتخذ وجهى سريراً دافئاً , إلا أنك لازلتِ بعيدة المنال وأنا لم أعتاد التصديق فى المحال , فسأتحدى تصديقى وإيمانى لأنكِ المحال .. يا من وهبت الحياة لخيالى , وأستحوذت ببرائتها أفكارى
...
الخطاب الخامس
أعتذر نيابةً عن خيالى لتخيله إياكِ .. فأنتِ فوق مستوى التخيل وفوق مساحة عقولنا الآدمية المحدودة أمام سحر عينيكِ فقط , ولكن أعذريه فلا حيلة له , فهو يراكِ فى كل شىء يحيط به , يراكِ فى مرآته , فى رغباته , فى تفاصيله , فى جنونه وفى تعقله , يعشقكِ فى دقائقه ولحظاته , فى سكوته وكلماته , يشعر بكِ فى أنفاسه فى صوره فى جدران منزله فى سكونه فى حركاته فى نجومه فى أقماره فى تكوينه فى إبتسامته المختلطة بدموعه فى كل شىء .. صدقينى فى كل شىء , فهو لا ينتمى سوى لكِ , ولا يرى سوى أحضانكِ مرسى لمراكبه ووطناً يلجأ إليه ومضجع يرتاح فيه وكأنه إمتلك الأبدية بلمسة ناعمة من يديكِ الحريرية , فيتحول إلى طفل كل آماله تتعلق عليكِ يا أمى وإبنتى الصغيرة المدللة التى منحتنى متعة حمايتها بكل جوارحى ومتعة الموت إختناقاً فى الإبتعاد عنها , فبإبتسامتك الساحرة التى تنيرين بها ظلماتى تلك تخطفنى .. نعم تخطفنى , وما أجمله شعوراً حبيبتى وما أجمله إختطافاً , أحبكِ بكل ما حملت الكلمة من معانٍ وما لم تحمله من معنى , ها هو قلبى يبكى قبل عينى وأنا أخط لكِ سطورى القاسية وما أصعبه بكائاً وما أقساها سطوراً تسحق عظامى تلاشياً فيكِ وتبخر خيالى ليرسم سُحباً بملامحكِ فى سماواتكِ التى تتفتح عليها كل صباح عيونى .. حبيبتى .. أنا أعيش فيكِ .. وسأموت فيكِ
...
الخطاب السادس
صاح فى وجهى قلمى متسائلاً (لماذا كل هذا الإصرار؟ وإلى من كل هذه الكتابات؟) , لم أعتاد الرد عليه فدائماً ماتقوم ورقتى بهذا عنى , سحرته الورقة فى هدوء وقالت (إتركه فهو يسرد مأساته لنا فدعنا لا نكون غلاظ القلب عليه كخياله الجامح الذى جعله يستنشق أشخاصاً خيالية حد الإدمان ويؤمن بوجودهن أكثر من نفسه) .. لا أنا لست مريضاً , ولكنى محموم بها ودوائى هو الإرتواء من نظرات عينيها , لا أطيق تحملها فى ذاكرتى ولا أريد أن أتركها كرؤية مستقبلية , أريد فقط أن أعيشها دون أزمنة , أن يزرع حبنا وروده فى جميع الأمكنة , أن أحتضنها وأحميها بداخل هذا الجسد الهزيل القوى بها , وأن أتخطى كل حدود الأكوان لأعبر بها إلى جنة خاصة تنتظرنا .. نعم حبيبتى هذه الجنة التى أعدت وشكلت خصيصاً من أجلك أنتِ فقط , ننام على أسرة تتراقص عشقاً , ونتذوق طعاماً يدمع لنا فرحاً بنهايته السعيدة بين أيدينا وخلف أفواهنا المُزينة بأرق كلمات الحب لبعضنا البعض , ونتنفس هواءً نسى كل معانى البرودة بدفء مشاعرنا وحبنا الراقد فى أعماق صدورنا , كل هذا حبيبتى بدونك يصبح جحيماً قاسياً فها هى جنتك التى صنعتها من خيالى لكِ , فأرجوكِ فتاتى ساعدينى كى أعيشك فأنتِ مصيرىِ وأنتِ جنتى الخاصة
...
الخطاب السابع
جلست على الشاطىء بين حبات رمال تفتقدك مثلى وتتابع بحرها فى إحباط من الامواج الفارغة القادمة بدونكِ والذاهبة بدونكِ تحت شمس مشتعلة لا تحرقنى أكثر من إحتراقى بلوعة فراقك الذى سئم شعورى به تجاهك فجلس معنا مستسلماً ينتظر دون جدوى لقائك .. حاولت عن مضض أن أعقد مقارنة بين جمال البحر وروعة عينيكِ ولكنها ستكون حتماً ظالمة , فأنا أغرق فى عينيكِ دون بحورٍ , فأتخذ من شفتيكِ طوق نجاةٍ يحيينى من غرق إلى غرق آخر أكثر نشوة وأرق شعوراً وإحتواءً .. حبيبتى , فى ليلة خاصمت خيالى لتقصيره فى تخيلك فتربعتِ على أرض واقعى وتجسدتِ أمامى , نعم رأيتك رأى العين فكذبتها فأفاقنى قلبى بدقاته المتسارعة يوقظنى من تكذيبٍ إلى إيمانٍ بكِ لا شك فيه , أسرعت يدى نحو خصلات شعرك فى تباطوء من صدمتها , وحين جاءت لحظة التلامس غمرنى شعور فوق كل التسميات أنسى قلبى دقاته وشرع فى ترديد إسمك فأصبحت تلك لغتنا الخاصة دون حروف ولا إشارات ولا تعبيرات إصطناعية .. إنها لغة القلوب حبيبتى نتحدثها على إيقاع نبضنا الواحد ونطرب إليها فتكافئنا بإبتسامة على وجوهنا المتشابة من صدق مشاعرنا وتماثلها , عندئذٍ عدت لأصالح خيالى وأشكره على إعطائى فرصة لقائك ولو للحظات تحيينى إلى مابعد الأزمنة وما بعد النهايات
...
الخطاب الثامن
فى عالم الأحلام كان مولدكِ , وفى واقعى أثبتى خلودك .. حبيبتى لقد عانى جسدى الهزيل كثيراً من فقدان لمستكِ , وإلتصقت جفونى ببعضها البعض عشقاً فى تخيلك وكرهاً فى الإبصار على عالم يملأه فراغك .. حبيبتى , أستيقظ من نومى ومن حلمى من رؤياكِ إلى رؤياكِ , فأنتِ القمر الذى تعانى عيونى أمامه ليلاً محاولة الدخول فى موتها المؤقت , وأنتِ الشمس التى لا يطيق عقلى الإنتظار للقياها صباحاً فأحلم بكِ يوميا ً .. صادقت مشاعراً وإنتميت لأحسايسٍ لم أعهد إليها من قبل , فروتنى مشاعرى خمر دموعى فى كأس من أحضانك البستانية الخضراء , وأصبح هذيانى أبياتاً فى جمالك و أفكارى تسبح فى محيط عقلك بحثاً عن ذكرى متبقية منى فيكِ .. الجمال , الإحساس , الحرية .. كلمات خلقت من أجلك , والكلمة الرابعة هى أنا .. نعم لقد خُلِقت من أجلكِ لأتخيلكِ يا أميرتى , يا سيدة قصور قلبى , يا من ترسمين إبتساماتى وتمطرين دموعى فى متعة ثالثة لا يعلمها البشر .. كلما تفحصت كتاباتى اجدكِ مضيئة بين السطور وسحر كلماتى يخرج منكِ , فى كل لفظة حرف يرتعد صوتى فى غنائه , فى كل لحظة يبكى قلمى حبراً رومانسياً متغزلاً فيكِ أجدكِ يا فتاتى , تُسرعين من دقات قلبى الذى لا يخفق سوى لوجودك ولا تنفتح شرايينه إلا لعبورك أنتِ .. أنتِ فقط , لتكونى الأولى التى تلمس قلبى من الداخل .. فيخفق بلمستكِ إلى الأبد
...
الخطاب التاسع
اليوم سرت فى شوارع المدينة أبحث عن إبتسامة تشبه إبتسامتكِ , فلم أجدها سوى فى طرقات ذاكرتى التى كثيراً ما تهت فيها باحثاً عن نظرات عينيكِ .. يا الله , يالها من عيون ويالها من نظرة تذيبنى وتخترقنى , ببرائتها تمزقنى .. تبكينى من الدموع مايكفى لملأ أكبر قلوب العالم قلبك , لم تكن فى أحلامى قبلة منكِ أو حتى لمسة خفيفة على وجهى المرهق بحثاً عنكِ , كانت أحلامى تتلخص فى رؤياكِ حتى تدمع عيناى من التحديق فيكِ , أن أشعر بكِ دوماً حتى يصرخ في إحساسى طالباً الرحمة أمام تدفق شلالات كلماتى من فمى كلما تخيلتك حبيبتى , وها هو قرع يدى على أبواب قلبك ليوقظكِ من مهد حبى إلى غرفة أشواقى , وها هى جدرانى تنطبع عليها أفكارى المنقوشة بدمائى على حوائط صلبة فتجعلها تتراقص وتتغنى بصوتك الملائكى الأخاذ , ليس هذا فقط حبيبتى .. إنظرى إلى عينى ستجدين صورتك تلمع بداخلها من شدة بريق رؤياكِ , تلمسى شفتاى التى ذابت من الحديث يومياً عنكِ , تخيلينى حبيبتى .. تخيلينى كما تخيلتكِ وجعلتكِ واقع ملموس يحرقنى شوقاً ويحينى أمداً .. دعينا نعيش فى عالمنا الخيالى من البداية للنهاية .. صدقينى إنى أتخلى عن واقعى من أجلكِ .. فمهما احسست وتذوقت الأشياء فإن شعورى بكِ يفوق الإحساس والتذوق .. إنه الإحساس بأنى لازلت على قيد الحياة
...
الخطاب العاشر
(لقت تخيلتك حبيبى , تخيلتك قبل أن يعرف الإنسان معنى الخيال) .. كان هذا السطر الأول من رسالة إنسلت من أسفل بابى فما كان منى سوى أن أقيد عيناى بكلماتها حتى تدمع متوسلة الرحمة والحرية من كلمات فطرت قلبى حباً و أنزفت قطرات عشق من عينى , (حبيبى ها أنا ذا أكتب لك بقلم سهر يفكر فى كلماتك مثلى حائرا كيف يرد على هذه الأحجار الكريمة التى أسميها ظلماً كلمات) , فتحت بابى فى لهفة آملاً أن أراها منتظرة خلفه لكنى وجدت الهواء يعزينى فى عدم وجودها فأكملت الخطاب فى لهفة أكثر , (حبيبى لقد أحبب قلبى الإسراع فى دقاته من أجلك وأعتادت دموعى على النزول يوميا من شدة إحساسى بك وبكلماتك ,والآن أجدنى وقد غزلت من عروقى أقلاماً عاشقة تحدثك بكل مايجرى فى دمائى من عشق ورغبة فى إحتوائك , وفى كل يوم يغطينى هوائى وأنا أقف فى النافذة تحتضننى منتظرة معى رؤياك وأنت تكتب السطر القادم , حبيبى أعلم بأنى لا أجيد الكتابة مثلك ولكن قلبى الذى يكتب لك الآن وليس قلمى .. أحببتك قبل أن تشرع فى التفكير فى خطاباتك تلك وعشقت كل سطر فارغ تفكر فى الكتابة عليه من أجلى , لست خيالية كما تعتقد بل كثيرا ماكنت أشك فى أنك أوهام يخلقها عقلى المحروم من لقياك دائماً , ها أنا حبيبى يشتاق كل جزء بى لرؤيتك , تشتاق ملامحى لنظراتك , تشتاق أذنى لسماع كلماتك وتشتاق مسام جلدى لإستنشاق لمساتك كى أحيا فى عالم خيالى يتحول لحقيقة بوجودك) كانت هذه آخر كلمة فى الخطاب سقطت عليها دموعى فأذابت الورق مثلما ذاب قلبى من إحساسك العالى , نظرت أمامى فلم أجد شيئا أيضا , سمعت صوت الكرسى خلفى ينادينى فلبت خطواتى ندائه عائدة إلى الخلف , جلست والباب مفتوحاً أمامى لأنتظر صاحبة الخطاب , هذا ماسوف أفعله يومياً .. أنتظر ..